يعتبر الإنذار القانوني أداة قانونية حيوية في نظام المحاكم السعودية. في هذا المقال، سنلقي نظرة موجزة على مفهوم الإنذار القانوني للخصم في المحاكم السعودية وأهميته في إجراءات المحاكمة. تابع القراءة لفهم تفاصيل أكثر حول هذا الموضوع الهام.
أولا: ماهية الانذار القضائي
توافق الفقه على أن التنبيه القضائي هو الوسيلة القانونية التي اعتمدها المشرع لضمان مبدأ المواجهة بين الأطراف. ويتضمن ذلك حقوق الأطراف في معرفة الإجراءات، ولهذا السبب ينظم التنبيه بضوابط وضمانات. وهذا يعتبر مسؤولية كبيرة تقع على عاتق كل من يعمل في هذا المجال بدءًا من المشرع.
يجب على القاضي تطبيق الضوابط النظرية والضمانات الحقيقية لعملية الإنذار بشكل فعال، سواء كان ذلك من خلال المحضر الذي يصدر الإنذار بالطرق التقليدية أو من خلال الإشراف الحقيقي الذي يمارسه القاضي على تنفيذ الإنذار القضائي. يجب على القاضي ضمان تحقيق هدف الإنذار بالكشف عن الحقيقة وتحقيق العدالة في الوقت المناسب.
حرص الشرع السعودي على توفير الضمانات والقيود القانونية لتأكيد سلامة الإنذار، بهدف ضمان وصول ورقة الإعلان إلى المستلم وإبلاغه بمضمونها.
تهدف التشريعات والقوانين إلى تحسين نظام الانذار القضائي لتسهيل العملية القضائية وضمان حقوق الأفراد بشكل فعال. قد تتطلب هذه الجهود تعديل مواد الإعلان لمواكبة التطورات التقنية الحديثة.
ثانيا: كيفية الانذار القضائي للخصم
يمكن أن يتم الإنذار القضائي بالطرق التقليدية، مثل تسليم ورقة قضائية مطبوعة. وقد يتم أيضًا الإنذار عن طريق الوسائل الإلكترونية وسنوضح تلك الوسائل بالتفصيل لاحقًا.
الاعلان بالوسائل التقليدية
توجه الرأي السائد إلى أن عقد النزاع القضائي بين الطرفين يتطلب إعلان صحيفة الدعوى للمدعى عليه كشرط أساسي. ويقوم بهذه المهمة موظف عام يسمى القائم بالإعلان، وتنص المادة (١١) من قانون الإجراءات على ذلك.
1- يكون التبليغ بوساطة المحضرين
بناءً على طلب القاضي أو الخصم أو إدارة المحكمة، يقوم الخصوم أو وكلاؤهم بمتابعة الإجراءات وتقديم الوثائق للمحضرين لتبليغها. يمكن أيضًا تبليغها عبر صاحب الدعوى إذا طلب ذلك.
2- يجوز الاستعانة بالقطاع الخاص في تحضير الخصوم.
وتطبق على العاملين في القطاع الخاص قواعد وإجراءات مُنظمة لأعمال المحضرين وفق اللوائح المحددة لهذا النظام.
أن تسليم الإنذار إلى الشخص نفسه، بلا شك، يعتبر الوسيلة الأمثل لتحقيق الهدف الذي يرمى إليه من الإعلان، والوصول إلى المعرفة المؤكدة بتحقق الإعلان، وإيصال الواقعة القانونية إلى الشخص المستهدف من أجل تمكينه من الرد القانوني المناسب.
على الناحية الأخرى، يمكن أن يكون تحذير الشخص الطبيعي مختلفًا عن تحذير الشخص المعنوي كما يلي:
أ- انذار الشخص الطبيعي
تسليم أوراق الإنذار للشخص المعني يعتبر وسيلة فعالة للتحذير، حيث تكون نتائجها قاطعة وواضحة دون إشكالية، مما يؤكد عدم وصول محتوى الإعلان إلى المعلن بعد. وتشكل عملية التسليم دليلا قاطعا على أن المعني قد علم بالمحتوى والتحذير المرسل إليه، وإذا لم يكن هناك شخص محدد لاستلام الإعلان، فإن ذلك يعني أنه تم تسليمها بشكل صحيح.
كان عليه أن يُثبت هوية الشخص الذي يجب تسليم الإعلان إليه بالأصل والنسخة، وعرض الأمر على القاضي المختص أو رئيس الدائرة وفقًا للإجراءات القانونية، ليأمر بتعليق نسخة من الإعلان على لوحة الإعلانات وعلى باب المكان الذي يقيم فيه أو باب آخر، أو نشره في صحيفة يومية واسعة الانتشار باللغة العربية.
يمكن تسليم أوراق الإعلان للشخص المستهدف من قبل المعلن في أي مكان يتواجد فيه، سواء في مكان عمله أو سكنه أو أماكن عامة مثل الشارع أو المقهى. ومن المهم ألا يتجاوز المعلن الحدود المتعلقة بالذوق والأدب واللباقة الاجتماعية، وأن لا يتخطى حدود الاختصاص المحلي.
تنص المادة الثانية عشر من النظام على عدم جواز إجراء أي تبليغ في مكان الإقامة قبل شروق الشمس أو بعد غروبها، ولافي أيام العطل الرسمية، إلا في حالات الضرورة وبإذن كتابي من القاضي.
تنص المادة الرابعة عشر من النظام على أن يتم تسليم صورة التبليغ ومرفقاتها إلى المستلم في مكان إقامته أو عمله إن وجد، وإلا يتم تسليمها إلى شخص يُعتبر وكيلاً له أو يعمل في خدمته أو يكون من السكان معه من أسرته وأقربائه وأصهاره.
إذا كان أحد الأشخاص المعنيين غير متوفر أو رفض استلام الوثائق أو كان قاصرًا، يجب تسليم الصورة والمرفقات المتعلقة بها إلى رئيس الحي أو مركز الشرطة أو رئيس القرية المختصين، بحسب الحالة، مع توقيعهم على إيصال الاستلام. يجب على المسؤول في نطاق اختصاصه إرسال إشعار معتمد إلى الشخص المخول التبليغ إليه، يخطره بتسلم الوثائق، ويجب على المحضر تفصيل ذلك في الوثيقة الأصلية، ويعتبر توجيه الإشعار فعالاً من وقت تسليم الوثائق وفق الترتيب السابق.
ب- انذار الشخص المعنوي
تسليم الإنذار للشخص المعنوي يمكن أن يكون صعبًا إذا كان هناك شخص طبيعي يستلم بنفسه وثائق الإعلان بدلاً منه. يتطلب الأمر وجود شخص طبيعي ثالث لاستلامه. عملية التسليم والاستلام هي فقط عملية مادية. بسبب تباين الحالات بين الأشخاص المعنويين، يجب تسليم الإعلان للشخص المعنوي نفسه في مكان إقامته أو في مكان عمله، ويمكن تسليمه في مكان آخر حسب القوانين السارية.
لتأكيد ما ذكر سابقاً، تنص المادة 17 من النظام على:
بالنسبة للأفراد ذوي الشخصية المعنوية العامة، يشمل ذلك الاتصال بمدرائهم أو المشرفين عليهم أو الأشخاص الذين يمثلونهم.
فيما يتعلق بالشركات والجمعيات والمؤسسات الخاصة، يشمل ذلك الإشراف على المديرين أو الأشخاص الذين يحلون محلهم أو يمثلونهم.
بخصوص الشركات والمؤسسات الأجنبية التي تمتلك فروعًا أو وكلاء في المملكة، يجب التواصل مع المدير الفرع أو بديله، وكذلك مع الوكيل أو بديله.
الانذار بالوسائل الحديثة
يسمح بتسجيل البيانات المتعلقة بالدعاوى والإخطارات ومحاضر الدعاوى والانتهاءات بشكل إلكتروني، وتعتبر مثل الوثائق الكتابية وفقًا لأنظمة المعاملات الإلكترونية.
حسب الفقرة 1 من المادة التاسعة في قانون المحاكم التجارية، يعتبر العنوان وسيلة للإبلاغ ويجب أن يكون موثقًا إلكترونيًا أو اختياريًا من قبل الأطراف المعنية.
ثالثًا: أهمية الانذار القانوني للخصم
يشدد الانذار القانوني على أهمية الإجراءات التي يتخذها الخصم في الدعوى ويعلن عن تفاصيلها بوضوح. وتعتبر أهمية الانذار القانوني للخصم متجسدة في عدة نقاط تتضمن:
1: الإنذار هو إجراء قانوني وجزء أساسي من النزاع القانوني.
قد نفصل بين الانذار القضائي أو التنبيه بالحضور، الذي يعتبر جزءًا من العملية القانونية، وبين تبليغ الحكم أو الإعلان عن الوفاة، الذي يكون منفصلاً عنها. على سبيل المثال، يجب تزويد الخصم بنسخة من مذكرة الدعوى لإبلاغه برفع دعوى ضده. يمكننا الآن التحدث عن مفهوم التكامل الوظيفي الذي تثيره هذه الفكرة.
وعلى الرغم من أن هذا العمل يكتمل مع العمل الإجرائي الأصلي الذي قام به المدعي، والذي هو إيداع الصحيفة مع مرفقاتها وقلم كتاب المحكمة، إلا أن هذا الإيداع ليس كافيا لصحة الإجراءات. ورغم ذلك يعتبر الدعوى مرفوعة.
ضرورة تكليف الخصم بالحضور إلى الجلسة تسهم في تحقيق صحة الإجراءات. وهذا التكامل الوظيفي يساهم في تحقيق الاقتصاد في الوقت والجهد والتكاليف، مما يؤدي في النهاية إلى تسريع تنفيذ العدالة.
وبناءً على ذلك، يعتبر التكامل هو وجود وتفاعل العملين معًا، ولا يلزم أن يكونا من نفس الطبيعة مثل عملية الإيداع وعملية الانذار. كل منهما يحتفظ بشخصيته ونظامه وعقوبته الخاصة، لكن الأثر الناتج عن التكامل لن يحدث إلا إذا تم تنفيذ كل من العملين بشكل صحيح.
2: يعتبر القانون يفرض تأثيرًا إجرائيًا مباشرًا عليه.
الأثر الإجرائي للانذار هو التأثير الذي يؤثر على الخصومة سواء بدأت أو شاركت فيها أو تم تعديلها أو انتهت، ويحدث نتيجة لتغيير في المطالبة أو الحق. والقانون يحدد أهمية حضور الشخص في الجلسات القضائية كوسيلة لتكليفه بمعرفة المزيد. أما تبليغ الحكم القضائي فإن التأثير هو بدء سريان الفترة المحددة لتقديم الاعتراض.
ختاما :
أتمنى أن تكونوا قد استفدتم من المعلومات التي قدمناها حول الإنذار القانوني للخصم في المحاكم السعودية وأهمية طلب خدمة محامي تجاري. نرحب بأسئلتكم واستفساراتكم، فلا تترددوا في مشاركتها معنا. شكرا لثقتكم في شركة مرافعة.